وُلد محمد بن صالح الدغباجي سنة 1885 بوادي الزيتون الواقع على
مسافة 30 كم من بلدة الحامة ينتمي لعرش الخرجة أحد الفروع المكوّنة
لقبيلة بني زيد. نشأ الدغباجي في وسط بدوي فتمرّس بمصاعب الحياة. وتعوّد
ما تقتضيه البداوة من شظف عيش وتجلّد واحتمال للمكاره وقع تجنيده سنة 1907 فقضى بالجندية الاستعمارية ثلاث سنوات عاد إثرها
الى موطنه حيث تزوّج زواجه الاول وعاد للجندية متطوّعا بعد خروجه منها
بثلاثة أعوام أي سنة 1913 وعند اندلاع الحرب العالمية الاولى سنة 1914 ثارت قبيلتا أولاد دبّاب
وأولاد إشهيدة بالجنوب التونسي وأصبحت منطقة أقصى الجنوب منطقة توتّر،
لذلك نجد في سبتمبر 1915 محمد الدغباجي ضمن الجيوش الفرنسية المعزّزة
لتواجدها على الحدود التونسية المتاخمة للتراب الليبي. ويبدو أن محمد
الدغباجي قد شعر بالخزي والعار وهو يحمل بندقية ويقاتل تحت راية فرنسا
ويواجه بني قومه من قبائل أولاد إشهيدة وأولاد دبّاب المنضوين تحت قيادة
خليفة بن عسكر النالوتي ففرّ من الجندية الفرنسية والتحق كإخوته من قبائل
الجنوب بقيادة البطل الليبي، فجعله خليفة بن عسكر أحد أعضاده وبقي يقاتل
معه في وقائع ضد الاستعمار الايطالي حينا وضد الاستعمار الفرنسي حينا آخر وحين أبرم الصلح بين ايطاليا والثوّار الليبيين سنة 1919 ودخلت الثورة
الليبية مرحلة هدنة. تحتّم على محمد الدغباجي أن يعود الى موطنه منطقة
بني زيد ليواصل كفاحه ضد المستعمر الفرنسي. فخاض عدة معارك أهمّها معركة جبل بوهدمة سنة 1919 شاركه فيها البطل البشير بن سديرة. ونتج عن وقائعها جرحى وقتلى من الجانبين معركة خنقة عيشة على الطريق الرابطة بين قابس وقفصة وقد رافقه في هذه المعركة ايضا
البشير بن سديرة سنة 1919 وقد قتل في هذه المعركة عدد من الجنود الفرنسيين
وغنم ثوار الدغباجي أسلحة القتلى دون أن يلحقهم أي ضرر معركة الزلّوزة دارت هذه المعركة بين الدغباجي وأحد رجال الديوانة الفرنسيين يُدعى بولو «Polo» ومعه ثلاثة من أعوانه وذلك يوم غرة جانفي 1920 ولئن كان «بولو» يروم التشفّي من الدغباجي ويتوعّده، فإن بطل بني زيد
اغتنم هذه المواجهة ليخلّص عشيرته من ظلم وتجبّر «بولو» فقتله وثلاثة من
أعوانه معركة المغذية بعد معركة الزلّوزة شعرت السلط الاستعمارية باستفحال خطورة الدغباجي
الذي ذاع صيته وانتشرت شهرته فعزمت على الخلاص منه وجنّدت لذلك مئات بين
جند ومدنيين منهم من ينتمي لعشيرة الدغباجي. فأجبرتهم على ملاحقته وحصاره
وذلك يوم 6 أفريل 1920 وبعد مواجهة قتل خلالها ثلاثة من أعوان فرنسا وجرح فيها كثيرون، أكره
محمد الدغباجي ومن معه من رفاقه على الاستسلام نظرا لنفاد ذخيرتهم
الحربية. إلا أن أهالي بني زيد من المجندين أبوا ان يسلّموا ابنهم
للمستعمر فانتهزوا الفرصة السانحة لتهريبه وفسحوا له مجال الفرار متحمّلين
في سبيل ذلك التتبعات العدلية ونقمة المستعمر وهذا ما كان مع الشيخ
الناعس الشرياق الذي عرض على المحكمة العسكرية التي حكمت عليه بخمس سنوات
سجنا توفي خلالها في السجن يوم 27 فيفري 1923
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire