mardi 8 janvier 2013

أثر النعوت السلبية في شخصية الطفل

أثر النعوت السلبية في شخصية الطفل


يرتكب بعض الآباء والأمهات خطأ فادحاً عندما يسهل لديهم وصف أبنائهم بأوصاف لا تليق بأي إنسان فضلاً عن أن تليق بأبنائهم، هذه الأوصاف وتلك النعوت السلبية تتزامن غالباً مع صدور سلوك غير مرغوب فيه، أو اخفاق في مهمة ما، أو عصيان لأمر من الأوامر التي تصدر لهؤلاء الأبناء
ولك أن تعلم أيها الأب الكريم وأيتها الأم الفاضلة أن الإبن - رغم نبوغة وذكائه- ربما يقتنع بأن فيه هذه الصفات السلبية التي اعتادت أذناه سماعها، وعندها يتحول من الأحسن إلى الأسوأ، ومن الذكاء والفطنة إلى الغباء والبلادة، وغير ذلك، ولعل أكثر الأوصاف والنعوت التي نسمعها من الآباء والمربين والمعلمين وصفهم الأبناء والدارسين بأنهم أغبياء، فتجد هذه الكلمات دارجة على الألسنة، بل وينادى بها الأبناء، وكلها ألفاظ لا تليق بأن ينادى بها إنسان، فهي من ناحية تحطم الأبناء بوصفهم أنهم كذا وكذا مما لايعقل من المخلوقات، ومن ناحية أخرى - وهي الأهم- تعد مخالفة شرعية يقع فيها من يرتكبونها، فالله تعالى كرم الإنسان وفضله على كثير من خلقه بهذا العقل الذي يميز به، فكيف ينعت بهذه النعوت، قال الله تعالى {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً} (الإسراء:70
 إن كل بشر سواء كان صغيراً أو كبيراً، عالماً أو متعلماً، معرض للخطأ والنسيان، والنجاح والفشل، والتوفيق والإخفاق، والإحسان والإساءة، فهي طبيعته وفطرته، ولا يعصم من الخطأ إلا الأنبياء، فكيف أسم ابني بهذه السمة؟ بل وأجعلها بديلاً لاسمه في كل نداء له؟ لا شك أن هذا خطأ فادح، ومخالفة كبيرة

 إن أبناءنا - خاصة في سن الطفولة- منتظر أن يصدر من بعضهم السلوك غير المقبول، فإذا أردنا أن نقومهم فلا نعيرهم به، أو نلقبهم به، فمثلا، قد يأخذ الابن حاجة زميله في المدرسة بقصد حب تملكها لا بدافع السرقة، فإذا اكتشف الأب أو الأم أن الابن فعل هذا الفعل، تنهال عليه الشتائم، وتلقى عليه التهم بأنه لص يسرق حاجة غيره، ويلقب بأنه «حرامي» ينادى عليه بهذا الوصف في غدوه ورواحه، وكلما أخطأ خطأ، أو عصى أمراً، فهل هذا من التربية في شيء؟
إننا إذا أردنا أن نقوم سلوكاً مثل فلنجلس معه وبهدوء نسأله عن سبب أخذه لحاجة غيره، فربما يستعملها بإذن صاحبها أو نسيها في حقيبته، وربما أعطاها له زميله في الفصل، وربما أحبها وأراد أن يتملكها فلم يجد وسيلة إلا هذه الوسيلة، وبعد أن نتعرف على سبب أخذه لهذا الشيء، نعرفه بأن هذا سلوك لا يليق، وأن الله يراه ومطلع عليه، وأن أخذه لحاجة غيره أمر يبغضه الله ورسوله، وأن عقاب من يفعل ذلك أليم، ثم ننصحه بأن يفصح عن رغباته في تملك مايريد، وتحقيق ما يمكن تحقيقه له من رغبات، وصرفه بالحسنى عن رغباته التي لا يمكن تحقيقها
 كذلك إذا فشل مرة في اختبار مادة دراسية ما فلا نتهمه بالغباء والفشل، وأنه كذا وكذا، لأن نجاح الطالب أو فشله في مادة ما يتوقف على عوامل كثيرة، ربما لا يكون للطالب دخل في كثير منها، فلا يصح أن أجعل من فشله عنوانا له في كل أموره، أعيره به، وأصفه به بين أقرانه، وأحكيه للزوار من الأصدقاء والجيران، وكل هذا يربي لدى الطفل عقدة من هذه المادة، وربما من التعليم كله، فأكون قد جنيت عليه بدلاً من الوقوف بجواره
 إن من الواجب على الوالدين المربين ان يقتربوا من الأبناء، ويتعرفوا على أساليب تقصيرهم الدراسي، ويحاولوا حل المشكلات التي تحول دون تحصيلهم لتلك المادة وغيرها من المواد، وهذا خير من الاكتفاء بالنعوت السلبية والاتهامات المتكررة التي - لاشك- سيكون مردودها سيئاً على هؤلاء الأبناء حاضرا ومستقبلا
 وإذا كذب الابن مرة فيجب نصحه وتحذيره من عاقبة الكذب، وتبغيض هذا الفعل إليه، حتى لا يعود إليه مرة اخرى، وليكن شعارك أيها المربي الفاضل «يابني» هذه الكلمة التي لها فعل السحر في قلوب الأبناء، فقد استعملها نبي الله إبراهيم حينما، أراد أن ينفذ أمر ربه له بذبح ابنه إسماعيل فقال له {يابني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى}، فكان الرد من الابن البار {قال يا أبت أفعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين} (الصافات: 102)، واستعملها لقمان عليه السلام حينما أراد النصح والتوجيه لابنه قائلا {يابني لا تشرك بالله... يا بني إنها إن تك مثقال حبه... يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور} (لقمان: 13-19
 فحذار أيها الآباء والمربون من النعوت السلبية للأبناء، لأنها لا تقوم سلوكاً ولا تربي شخصية سوية


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire