dimanche 30 décembre 2012

مـنها .. وإليها

مـنها .. وإليها
أحمد مطر

 

ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﻋﻤل ﺍﻨﻘﻼﺒﻲ

مقتطفات من كتاب: ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﻋﻤل ﺍﻨﻘﻼﺒﻲ
 ﻨﺯﺍﺭ ﻗﺒﺎﻨﻲ
 
الشرط الأساسي في كل كتابة جديدة هو الشرط الانقلابي. وهو شرط لا يمكن التساهل فيه، أو
المساومة عليه
وبغير هذا الشرط، تغدو الكتابة تأليفاً لما سبق تأليفه، وشرحاً لما انتهى شرحه، ومعرفة بما سبق
معرفته.
الكتابة الحقيقية، هي نقيض النسخ، ونقيض النقل، ونقيض المحاكاة الزنكوغرافية أو الطباعية.
فالقصيدة الجيدة هي النسخة الأولى التي ليس لها نسخة ثانية سابقة لها أو لاحقة بها. يعني أنها
زمان وحيد هارب من كل الأزمنة.. ووقت خصوصي منفصل كلياً عن الوقت العام.
القصائد الرديئة هي القصائد التي تعجز عن تكوين زمنها الخصوصي فتصاب في الزمن العام..
وتضيع.. كما تضيع مياه النهر في البحر الكبير.
إن الشعراء في عالمنا العربي هم بعدد حبات الرمل.. في الصحراء العربية، ولكن الذين
استطاعوا أن يخرجوا من المألوف الشعري إلى اللامألوف ..ويطلقوا في السماء عصافير
الدهشة.. ويقيموا للشعر جمهورية لا تشبه بقية الجمهوريات.. يعددون على الأصابع..
بالشرط الإنقلابي نعني خروج الكتابة والكاتب على سلطة الماضي بكل أنواعها الأبوية، والعائلية،
والقبلية، وإعلان العصيان على كل الصيغ والأشكال الأدبية التي أخذت _ بحكم مرور الزمن _
شكل القدر أو شكل الوثن
وبالشرط الانقلابي، نعني الغاء جميع حلقات الذِ ْ كر التي كان ينظمها دراويش الكلمة.. ومتعهدو
حفلات الأدب.. ويدورون فيها حول ضريح لا يوجد فيه أحد..

ومهمة الكاتب الانقلابي صعبة ودقيقة.. لأنها تتعلق بإلغاء نظام قائم، له جذوره الدستورية،
والتاريخية ، والقومية، واللغوية، وإعلان نظام بديل يصعب على الناس في بادئ الأمر الإيمان
به، والاعتراف بدستوريته.

ويظل الكاتب الانقلابي يثير الدهشة.. حتى تصبح الدهشة عادة ثانية لا تثير حماس الناس ولا
خيالهم.. فيبدأون في البحث عن انقلابي آخر.. يحرك طفولتهم.. ويرميهم في بحر الانبهار
والمفاجآت من جديد..

وكما يكون الانقلاب السياسي في بدايته غامضاً، ومضطرباً، وحائراً بين الحلم وتجسيده.. كذلك
يكون الانقلاب الأدبي في بدايته قلقاً، وانفعالياً ، ومتوتر الأعصاب.. بانتظار الاعتراف الشعبي
والاعتراف بالكتابة الجديدة يأخذ وقتاً طويلاً ..لأن من الصعب كسر عادات الناس، وتغيير
غرائزهم الكلامية المكتسبة بين عشية وضحاها

ولكن الاعتراف بالكلام الجديد، والكتابة الجديدة، هو قضية وقت لا أكثر ..لأن أهم ما في الإنسان
أنه حيوان قابل للتحول والملاءمة مع كل المناخات.. وكل درجات الحرارة..
ولقد تأكد لي، بعد ثلاثين عاماً من التجارب الشعرية، أنه لا يوجد إنسان عربي محافظ حتى
الموت.. كما أنه ليس هناك إنسان عربي _ مهما زهد ولبس الصوف _ لا يطيب له أن يخلع
عباءته وخفيه، ويلبس بدلة من عند (تيد لا بيدوس) أو ربطة عنق من تصميم (بيار كاردان..(
والشعر العربي الحديث هو هذا التصميم غير المألوف الذي ضحك منه الجمهور العربي في
الاربعينات.. وأصبح الآن يرتديه ليلاً ونهاراً دون أن يشعر بعقدة الذنب.. أو عقدة (الخواجه) كما
يقول أهل مصر..

الفرق بين رأس الانسان وحبة الفاصولياء.. أن حبة الفاصولياء محكومة بقوانين فصيلتها النباتية
لا تستطيع أن تتمرد عليها أو تتجاوزها. في حين أن رأس الانسان صندوق سحري مليء
بالاحتمالات والمفاجاءات...

في حياة حبة الفاصولياء لا يحدث إنقلاب يغير مجرى حياتها.. فهي منذ أن كانت ، لها ذات
الشكل، وذات الأوراق، وذات الطعم. إنها لا تنتمي إلى حزب، ولا تسير في مظاهرة، ولا توزع
منشوراً سياسياً... فهي تولد .. وتكبر.. وتموت.. بنفس الطريقة.
أما رأس الانسان فهو رحم لا تعرف ماذا يخرج منه.. وماذا يحدث فيه.. وما هو نوع المخلوقات
التي تتشكل بداخله..

ولأن رأس الانسان بحكم حرية اختياره، هو مجموعة من المجاهيل، فإ، الحياة تنتظر منه أن
يبدع، ويجدد، ويخرج عن سلسلة العادات والقوانين التي تتحكم بنمو الشجر.. وسقوط المطر
وهبوب الريح.

بكلمة واحدة. على الكاتب الذي يحترم نفسه، ويحترم الآخرين أن لا يكون حبة فاصولياء..
كيف لا يكون حبة فاصولياء؟
بإلغاء ذاكرته
إن علة الشعر العربي الكبرى هي أن ذاكرته قوية .والذاكرة بصورة عامة خطر على الشعر،
لأنها سهم متجه إلى الوراء.. لا سهم ذاهب إلى المستقبل.
نحن لا نكتب. وإنما نمارس مجموعة من العادات الكتابية.
ولا نقول الشعر. وإنما نتذكر..

إن النسيان عامل هام جداً في عملية الابداع. والقصيدة التي لا تستطيع نسيان طفولتها، لا تملك
القدرة على تصور مستقبلها

هناك ألف سنة على الأقل من تاريخ الشعر العربي كان فيها هذا الشعر يصدر عن ملكة التذكر..
شاعر نابت كالنخلة في الصحراء، يقدم النموذج _ الأم ثم تبدأ عملية صك النقود.. وتطرد العملة
الجيدة.. ويستولي النظامون والنساخون وأصحاب ماكينات الأوفست.. على الحكم...
الذاكرة الميكانيكية هي عاهة الشعر العربي، سواء كانت هذه الذاكرة قومية، أو تاريخية، أو
أكاديمية مدرسية.

لأن الذاكرة في نهاية الأمر، هي تعليب الأشياء بحالتها الأولى.. وتجليدها في حرارات واطئة جداً
كما تجلد اللحوم والأسماك..
لقد أكلنا خلال خمسمئة سنة من عصور الانحطاط سمكاً مجلداً.. حتى تسممنا بمادة الزئبق،
وأصيبت بلاغتنا بفقر الدم.. وأهم ما فعله الشعر العربي الحديث من حسنات أنه أنهى تجارة
السمك المجلد.. واتجه إلى البحر..

الكتابة الجديدة هي التي تتخذ من البحر نموذجاً لها.
فالبحر هو النموذج الانقلابي الأمثل، حيث الماء يثور على وضعه في كل لحظة.. ويناقض نفسه
في كل لحظة.. ويفقد ذاكرته في كل لحظة...

أن تكون كاتباً عربياً، في هذه المرحلة الساخنة بالذات، دون أن تؤمن بالشرط الانقلابي.. معناه
أن تبقى متسولاً على رصيف لطفي المنفلوطي.. وأبواب المقاهي التي يقرأ الراوي فيها قصة
عنترة والزير وأبي زيد الهلالي..

وأن تكون كاتباً عربياً، في هذا الوطن الخارج لتوه من غرفة التخدير والعمليات، دون أن تؤمن
بالشرط الانقلابي، معناه أن تبقى حاجباً على باب السلطان عبد الحميد في الآستانة ...أو عضواً
في حكومة الأقلية البيضاء في جنوبي أفريقيا.. أو وزيراً بلا حقيبة في حكومة المحافظين في
انكلترا...
  إن المكان الطبيعي للكاتب العربي المعاصر، هو في صفوف الانقلابيين. ومهما اختلفت المواقف
الوجودية بين كاتب وكاتب.. وتباينت الرؤى بين شاعر وشاعر.. فإن القاسم المشترك بين كل من
يكتبون.. هو الثورة.. والرغبة المشتركة في تغيير جلد العالم العربي.. وتغيير دمه..

هذا هو الهدف العام الذي تركض باتجاهه كل الخيول . وإن اختلفت طريقة الركض وأسماء
الجياد..
 
 
 
 

samedi 29 décembre 2012

مالي وقفت على القبور

مالي وقفت على القبور مسلماً
مالي وقفت على القبور مسلماً * قبر الحبيب فلم يرد جـــــــوابي
احبيب مـــــــــالك لاترد جوابنا * أنسيت بعدي خــــــــلة الأحباب
قال الحبيب وكيف لي بجوابكم * وأنا رهــــــــين جــــنادل وتراب
أكل التراب محاســني فنسيتكم * وحجبت عن أهلي وعن أترابي
فعليكم من الســـــــلام تقطعت * مني ومنكــــم خلة الأحبــــــاب

جرير و الفرزدق والأخطل

جرير و الفرزدق والأخطل


لعب الهجاء دورا كبيرا في العصور السالفة ،وكان كبار القوم في الجاهلية يتجنبون الأعمال المخلة بالمروءة ليتجنبوا هجاء الشعراء

وكان الهدف الرئيسي من الهجاء تحذير وجهاء القوم كي لا يقعوا في السقطات ولا يحيدون عن مكارم الأخلاق ،ولكن قليل منهم اتخذوا الهجاء حرفة يتعيشون منها مثل الحطيئة، فكان بعض المشاهير يعطي للشاعر من المال ما يسكته عنه.‏
واشتهر هجاء جرير والفرزدق والأخطل لبعضهم البعض ،وكان الحطيئة الأشهر بين شعراء الهجاء ،حتى إذا أسكتوه بالمال ،لم يجد إلا أن يهجو نفسه فقال البيت المشهور عنه :‏
أرى وجها شوه الله خلقه فقبح من وجه وقبح حامله‏
كما اشتهر هجاء المتنبي لكافور فكان من أقذع الهجاء‏
ومنه قوله :‏
لا تشتر العبد إلا والعصا معه إن العبيد لأنجاس مناكيد‏
وهذا دعبل الخزاعي يفوق الهجائين عندما يهجو كل الناس ويقول:‏
ما أكثر الناس بل ما أقلهم والله يعلم أني لم اقل فندا‏
إني لأفتح عيني حين افتحها على كثير ولكن لا أرى أحدا‏

روى العتبي قال: قال هشام بن عبدالملك لشبَّة بن عقال - وعنده الفرزدق وجرير والأخطل، وهو يومئذ أمير -: ألاَ تخبرني عن هؤلاء الذين قد مزَّقوا أعراضَهم، وهتكوا أستارهم، وأغروا بين عشائرهم في غير خير، ولا بِرّ، ولا نفع - أيُّهم أشعر؟ فقال شبة: أمَّا جرير فيَغرِف من بحر، وأما الفرزدق فينحتُ من صخر، وأمَّا الأخطل فيجيد المدح والفخر، فقال هشام: ما فسرت لنا شيئًا نحصله، فقال: ما عندي غير ما قلت

فقال لخالد بن صفوان: صِفهم لنا يا ابنَ الأهتم، فقال: أما أعظمهم فخرًا، وأبعدهم ذِكرًا، وأحسنهم عذرًا، وأشدُّهم ميلاً، وأقلُّهم غزلاً، وأحلاهم عللاً، الطامي إذا زَخَر، والحامي إذا خَطَر، الذي إن هدر قال، وإن خَطَر صال، الفصيح اللِّسان، الطويل العنان - فالفرزدق

وأمَّا أحسنُهم نعتًا، وأمدحهم بيتًا، وأقلُّهم فوتًا، الذي إن هجَا وضع، وإن مدح رفع - فالأخطل

وأما أغزرُهم بحرًا، وأرقُّهم شعرًا، وأهتكهم لعدوِّه سِترًا، الأغرُّ الأبلق، الذي إن طَلَب لم يُسبَق، وإن طُلِب لم يُلْحَق - فجرير


وكلهم ذكيُّ الفؤاد، رفيع العماد، واري الزناد، فقال له هشام : ما سمعْنَا بمثلك يا خالدُ في الأولين، ولا رأينا في الآخرين، وأشهد أنَّك أحسنهم وصفًا، وألينهم عطفًا، وأعفُّهم مقالاً، وأكرمهم فعالاً، فقال خالد: أتمَّ الله عليكم نعمه، وأجزل لديكم قِسَمه، وآنس بكم الغربة، وفرَّج بكم الكربة - وأنت والله - ما علمتُ - أيها الأمير، كريمُ الغِراس، عالِم بالناس، جواد في المَحْل، بسام عند البَذْل، حليم عند الطيش، في ذروة قريش، ولباب عبد شمس، ويومك خيرٌ من أمس

فضحك هشام وقال: ما رأيت كتخلُّصك يا ابنَ صفوان في مدح هؤلاء ووصفهم، حتى أرضيتَهم جميعًا

المقامة في الأدب العربي

المقامة في الأدب العربي


عيد الدرويش – سوريا – الرقة -  إجازة في الفلسفة وعلم النفس
ظفر الأدب العربي بالكثير من الخصائص والسمات التي تفرد بها عن بقية الآداب العالمية، وبما احتواه من تعدد أشكال التعبير وصيغ الكتابة، وهذا يدل على ثراء ذلك الأدب الذي يمتح من معين اللغة العربية، بعد أن أصبحت لغة السماء والأرض، وقد استقطبت الكثير من الكتّاب من غير الناطقين بها، وأبدعوا فيها أيما إبداع، وتفتقت قريحتهم البلاغية والأدبية، وساعدتهم في النبوغ في كافة العلوم الأخرى، لنستدل على أن اللغة العربية التي بنيت بشكل سليم ومكتنز وقوي، سُجل ذلك لحساب ذلك الإنتاج المعرفية لها بالقوة نفسها، إن لم يكن يزيد على ذلك، والأمثلة والأدلة على تلك الجوانب كثيرة ومتعددة، ولا نريد الاستطراد في تلك الجوانب، ولسنا بصدد ذلك، فالأدب يصوّر حركة وتفاعل المجتمع بكل منمنماته وأساليب عيشه، فضلاً عما يساهم به الأدب في تطوُّر المجتمع وتقدم الشعوب، فالكثير من الخصائص التي تميز بها هذا الأدب الثر، ونحن نتتبع أثر المقامة في الأدب العربي، فنلاحظ أن هذا النوع،
الذي نشأ في أواخر العصر العباسي هو فن جديد، اسمه أدب المقامة، وفسح لها مجالاً رحباً، واستمال الكثير من الكتاب، لأن يدلوا بدولهم، فقد تعددت أشكاله وتنوعت، وفضلاً عما لاقت أذن صاغية، فكان قراؤها أكثر من كتابها، لما فيها من المتعة وجمال الصورة والفكاهة، ولا نستبعد أهمية البنية اللغوية فيها، التي أكسبتها جمالاً وروعة، فالمقامة تعبر عن تفرد في هذا الأسلوب الأدبي الرفيع، وأصبحت جنساً أدبياً من عائلة الأدب العربي بامتياز، ومن مؤسسي هذا الجنس الأدبي بديع الزمان الهمذاني، ونجد في مصادر أخرى قيل أنه أخذها عن أستاذه ابن فارس، وقد أسند رواية مقاماته إلى الحارث بن همام، وهو اسم خيالي، وترفع عن المسالك اللصوصية، وبطلها أبو زيد السروجي، كما أن المقالة لا تأخذ تسجيعاً واحداً في كل المقامة، ولكن تأخذ أنواعاً متعددة (إن الغرض من المقامة لم يكن جمال القصص، وإنما أريد بها قطعة أدبية فنية تجمع شوارد اللغة، ونوادر التركيب بأسلوب مسجوع: كما أن أصحاب المقامات جملة لم يعنوا بتصوير الحكايات وتحليل الأشخاص، ولم يكن همّ المنشئ للمقامات إلا تحسين اللفظ وتزيينه)( ) ومن الذين تناولوا هذا الفن (عدا ابن فارس، وبديع الزمان الهمذاني، ابن الاشتراكوني المتوفى سنة 968م، وسمّاها المقامات (السرقسطية) وهي خمسون مقامة أنشأها بقرطبة من بلاد  الأندلس، ولزم في نثرها لزوم ما لا يلزم، وحدث فيها المنذر بن حمام عن السائب بن تمام، ومقامات الزمخشري المتوفي سنة 1143م، ثم مقامات أحمد بن الأعظم الرازي وهي أثنتا عشرة مقامة كتبها سنة 1232م، وجعل راويها القعقاع بن زنباع، والمقامات الزينية لزين الدين بن صقيل الجزري المتوفي سنة 1301م، وهي خمسون مقامة عارض فيها الحريري ونسبها إلى أبي نصر المصري وعزا راويها إلى القاسم بن جريال الدمشقي ثم مقامات السيوطي، وهي تكاد تكون رسائل وغيرهم، وكلهم أخفقوا في تقليد الحريري، ولم يستقيم ذلك إلا للشيخ ناصيف اليازجي في مقاماته)( ).
وتذكر كتب التراث أن عدد الكتاب الذين كتبوا في هذا الجنس بعضهم يفوق الألف كاتب وكان بعضهم من بين أعمدة الأدب وأساطينها مثل: الجزري والهمذاني والأسواني والحريري والزيني والسيوطي وابن الجوزي والزمخشري واليازجي....إلخ.
ويذكر ناصيف عبد الله اليازجي في جبل لبنان (إنني تطفلت على مقام أهل الأدب، من أيمة العرب بتلفيق أحاديث تقتصر من شبه مقاماتهم على اللقب، ونسبت وقائعها إلى ميمون بن خزام ورواياتها إلى سهل بن عباد، وكلاهما هيُّ بن بيٍّ مجهول النسب والبلاد، وقد تحريت أن أجمع فيها ما استطعت من الفوائد والقواعد والغرائب والشوارد والأمثال والحكم والقصص، التي يجري بها القلم، وتسعى لها القدم)( ) ويرى الكثير من الكتاب والأدباء أن المقامة لم تكن بعيدة كل البعد عن الأجناس الأدبية مثل الشعر والبلاغة والسجع، على الرغم أن القصة متضمنة من خلال سياق المقامة، فهي قصة بأسلوب آخر لأن مفرداتها وسياقها الفني يعبر عن سرد حكائي، ولكنه ذو محور واحد في القص، ومع هذا يقوم كاتب المقامة بعنصر التشويق والإثارة تارة، وعنصر الفكاهة تارة أخرى، فضلاً عن جانب اللطافة أحياناً، كما يقول مارون عبود: (إنما هي حديث أدبي بليغ، وهي أدنى إلى الحيلة منها إلى القصة، فليس فيها من متن القصة إلا ظاهرة فقط).
ويرى البعض من الكتّاب بأن فن المقامة هو نوع من القصة القصيرة، ويرى آخرون بأن المقامة ابنة القصة القصيرة، وتكون في لغة مكثفة التراكيب والمعاني، وفق إيقاعات لفظية متواترة، فالقصة تستعير في مفاصلها نوعاً من المقامة في الخطاب والسرد، ولكن قلّما نجد المقامة يكثر فيها السرد دون سجع وبلاغة وبديع وتورية وصيغ الظرافة والإمتاع للقارئ، كما أن المقامة تثبت ألوان عدة من علومها، فيختلط الحديث والفكاهة والإلمام الكامل باللغة والرصيد الفكري والفقهي والرياضة والفلك والطب وأخبار وأحوال البلدان وطبقات المجتمع العليا والدنيا.
كما تتجلى المقامة بجملة من العناصر الفنية في بنائها:
إن غنى اللغة العربية ومفرداتها يجعل المقامة تتنوع في طريقة السرد والروي بصور متباينة بين كاتب وآخر، فمنهم من يبدأ براو وشخصية يحمّلها الكاتب مجموعة من الخصال التي يريد إظهارها، وتتحدث بالنيابة عنهم، وعند البعض الآخر يبدأ بتوطئة بلاغية تنبئ بمسار المقامة كمدخل لأحداثها، وليس بالضرورة أن يبدأ بمتحدث أو راوِ، وبعضها الآخر يبدأ بذلك، كما تعرف المقامة بمفردات السجع والروي والسرد، ومن خلال الصورة البديعة للعرض، بما تحمله من معطيات للوصف، ولا تتقيد بكل مفردات القصة السردية، ولكنه تعنى بالجناس والطباق، كما يقول بديع الزمان الهمذاني "حدثنا عيسى بن هشام" وفي مقامات الجزري "روي عن القاسم بن جريال.... أو حكى القاسم بن جريال.." ولا نجد ذلك في المقامة الأسوانية حيث يبدأ بداية عادية بدون راو أو محدث، وكوصف لشخصية معينة كما نرى (إذا كنت قد ولدت لأبوين فقيرين...) يعطى اسم المقامة من حيث الزمان أو المكان فمثلاً المقامات الزينية أخذت أسماء الأمكنة (المقامة الأهوازية نسبة إلى بلاد الأهواز ــ كذلك الكوفية أو البصرية أو الدمشقية ــ المصرية ــ البغدادية ــ الرهاوية ــ الحموية ــ الجزيرية ــ البمينية ــ البحرينية ــ الطوسية) وليست مقتصرة على المقامات الزينية بالنسبة للأمكنة، فالبغدادية في المقامة الهمذانية، وكذلك المقامة القزوينية والمقامة البخارية والأهوازية والأصفهانية، وكذلك المقامات نسبت إلى أشخاص مثلاً عند بديع الزمان الهمذاني سميت المقامة الحمدانية، نسبة إلى بني حمدان وفي مجمع البحرين للشيخ ناصيف اليازجي المقامة العبسية نسبة إلى بني عبس، فضلاً عن تسميات متعددة للمكان أو شخص ظريف وتسمى بها، وربما تسمى المقامات أيضاً للكاتب بصفة أو كنية له مثل الهمذاني أو الزينية أو اللأسوانية...........
ــ إن طابع التناص يغلب على جميع أشكال القمامات، والاستشهاد بالكثير من الدلالات والمعاني والاقتباسات من الشعر أو قول مأثور وفي بعضها الآخر، تكون الاقتباسات من الحديث أو القرآن، ونرى ذلك واضحاً في مقامات الحريري (ثم قال: الحمد لله المبتدئ بالأفضال، المبتدع للنوال، المتقرب إليه بالسؤال، المؤمل لتحقيق الآمال، الذي شرع الزكاة في الأموال، وزجه عن نهر السؤال، وندب إلى مواساة المضطر، وأمر بإطعام القانع والمعتر، ووصف عباده المقتربين، في كتابه المبين، فقال وهو أصدق القائلين: والذين في أموالهم حق معلوم، للسائل والمحروم، أحمده على ما رزق من طعمة هنية، وأعوذ به من استماع دعوة بلا نية، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهاً يجزي المتصدقين والمتصدقات، ويمحق الربا ويربي الصدقات)( ).
ــ للمقامة دلالة بلاغية تساهم في إيصال نوع من المعرفة من قبل الكاتب إلى القارئ، وتتضمن مجموعة من الرسائل البلاغية ذات مضامين دلالية، تسهم في تسليط الضوء على نوع من المعرفة أو الدهاء أو الحنكة أو السذاجة عند البعض الآخر، كما تصور الأشخاص بما تملي عليه شخصية الكاتب، لكي تجسد فيها أشكال الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ويبرز من خلال تلك الصور لغة هي متمثلة في الواقع، فيرسم الأحداث والحياة العامة، وحياة الأفراد والسلطة وحالات الكرم والقضاة والشرطة والمأكولات، والأحاديث العامة للمجتمع ومن نوادر الظرفاء، وتعطي صورة شاملة عن المجتمع بما يتفق مع مسار الحديث الذي يعالجه الكاتب، ومن بين ثناياها نقرأ الكثير من الهواجس التي تعبر عن حالة الغنى الفكري والمعرفي كما تدل على المستوى الفكري الرفيع للكاتب، كما تتجاوز ذلك من خلال الظرافة، وهذه المقامات لا تستثني أحداً من المخاطبة، وفق منهج معرفي يمتلكه الكاتب وإحيائيته للمكان والزمان، وبعض الكائنات الأخرى والحيوانات، وأنسنتها أيضاً، فهي لا تقتصر على الإنسان، من خلال السرد في المقامة التي تندرج وفق سياق اللغة في الإبداع في المدلول العميق للكلمة.
ــ تأخذ المقامة مساقاً واحداً في مبناها العام، سواء في الطب، أو في الكيمياء أو في السياسة أو السخرية، كما تأخذ اللغة فيها دلالات ومضامين.
ــ الوصف والتصوير الدقيق في مفردات اللغة للشخصية، فالزمان والمكان، وهي من عناصر المقامة وسياقها وشكلها ونوعها، ففي الطبيعة مثلاً نجد السيوطي في مقاماته ذلك الرجل الورع والفقيه يتعامل مع اللغة بشاعرية مفرطة، وبعشق لها حيث يصف مناظر الطبيعة وفق المفردات التي استخدمها في المقامة "الروضة، والحسان، والأنهار، والأشجار، والأفنان، والرياحين، والبساتين....إلخ.
ــ المعيار الجمالي في المقامة، فتجتمع فيها الكثير من السمات في بنائها، فلكل مقامة شكل وأسلوب ولغة وصورة، ترصد حالات ومجتمعات ونوادر وغيرها، كل ذلك من خلال أسلوب اللغة، وهو عنصرها الأساسي، ومنبع ذلك الجمال، فكلما كانت المقامة تعتمد المنهجية، وتسير الأفكار آخذه بعضها في رقاب بعض، لتنسج صورة أخّاذة حتى أن تعيش في جميع مفردات الحياة العامة للمجتمع التي يصورها كاتب المقامة، ويطبعها بموسيقى الجناس والطباق والتشبيه والبديع والسجع في تواتر منسجم ومحكم، وربما يعاود على ذلك بنفس الوزن في موضع آخر، أو ينتقل إلى سجع آخر وهلم جرا، ليخلد بالقارئ بوحي موسيقى تخالجه، ولا يحتاج إلى شرح أو تفسير، وربما هي الأساس في استرخاء السمع إلى تلك النصوص بما يجود عليها من ترتيب وتباين أخّاذ.
ــ كما تتميز كتابة المقامة، بأن يمتلك قدرة عالية على الكتابة في هذا الجنس في مستوى التفكير والإلمام باللغة والبلاغة، وأن يكون الكاتب كذلك واسع الاطلاع في الثقافة والمعرفة، وأن يحسن التوفيق بينها في رسم الصورة، فالمفردات لدى الكاتب كالألوان لدى الفنان، فلا يستطيع الكاتب بدون تلك المفردات أن يرسم مقامه، ويحسن استخدام المفردات والمحسنات اللغوية وتوظيف ذلك في المكان الصحيح.
وفي بعض المقامات يمزج الكاتب الشعر مع الكتابة، على الرغم بأننا عندما نقرأ المقامة من خلال الجناس والطباق والوزن لأواخر الجمل، فهي بحد ذاتها شعر، وهذا يندرج على أغلب المقامات، مما يعطيها جمالية أخرى، فضلاً عن الصور البديعية التي يضمنها الكاتب في هذا الجنس الأدبي.
ونستعرض هنا تلك المقامات ودلالاتها:
ــ المقامة الزينية في المقامة الرابعة: الشينية (يقول فيها: روي القاسم بن جريال: قال: ألفت إبّان نهابي، وإبّان طراوة إهابي، واجتلاء حبابي، واختلاء أفانين لبابي، مداومة الأسفار ومناومة الأسفار.....)( ).
ــ في المقامة الخامسة: التوأمية (حكى القاسم بن جريال، قال: عكفت أيام مواظبة الكفاء، ومداعبة الأكفاء، ومعاندة العفاء، ومعاهدة الضعفاء، ومساومة الهيفاء، ومداومة النعمة الوحفاء، على نديم زافر أعياء السّخاء، نافر على ركام الطبع والطحاء.......)( ).
ــ وفي موضع آخر من تلك المقامات (يبدأ فيها بالراوي القاسم بن جريال، فالمقامة البزاعية: ويرويها: (حكى القاسم بن جريال، قال: أيقنت غِبَّ الجهالة، والنزول هذه الهالة، ومناجاة النحول، ومفاجأة النوب الحول...... وينشد شعراً:
فهم البدور إذا البدور تكوّرت
  
    وهم الدّرورُ إذا الدُّرورُ ترنّقا

وهم البحور إذا البحور تكوّرت
  
    وهم الحُبور إذا الحُبورُ تفرّقا

وهم الثغور إذا الثغور تهدمت
  
    وهم السرور إذا السرور تمزّقا

وفي هذه المقامات يتكرر الشعر بين مفردات المقامات الزينية).
ويتكرر الشعر في المقامة في أكثر من موضع وهذه المقامة الأسوانية، لم يتحدث براو، وإنما يبدأ بمقدمة في عنوان المقامة: الأستاذ حندوس الذي يعبد الفلوس (وإذا كنت قد ولدت لأبوين فقيرين. عاشا بائسين...... ولم ترث عنهما غير الشجون..... وبعض الديون...... ولم يكن لك خال ولا عم....... فرهنت الساعة...... وبعت الولاعة...... وذقت معنى الجوع طيلة الأسبوع، وبعد ذلك اعتدل بك الحال، وسعى إليك المال....... فلا بدّ أن تصبح واحداً من اثنين....... كريماً إلى حد السرف، أو بخيلاً إلى حدق القرف.......) ــ ومن المقامات الزينية الأخرى كما في المقامة بعنوان: الحب عند الغجر بين الأنثى والذكر (كنا نجلس عند حلواني.. في شارع السد الجواني، إلى مائدة بجوار الباب، وحولها كل الأحباب، فهبط علينا دون إنذار، أديب يدعى مختار، ثقيل الظل في الشمس والظل، إذا جلس إلينا ساعة، تمنينا قيام الساعة، لأن صمته تأديب وكلامه تعذيب، وكان مختار قد انقطع عن الكتابة، مدعياً القرف والكآبة، ولكن الحقيقة أنه تزوج امرأة متعبة، قتلت فيها الموهبة، فلمّا اكتشف الجريمة، أصبحت حالته أليمة، فانقلبت شخصيته وتعقّد، وعاند وتشدد، فهجره أهله فتهور دخله، فأصبح زري الطلعة... مغبر الصلعة).
ومن المقامات الهمذانية نجد المقامة الناجمية حيث يبدأ بمحدثه (حدثنا عيسى بن هشام، قال: بتُّ ذات ليلة في كتيبة فضل من رفقائي، فتذاكرنا الفصاحة، وما ودعنا الحديث حتى قرع علينا الباب، فقلنا: من المنتاب. فقال: وفد الليل وبريده. وفلّ الجوع وطريده، وغريب نضوه طليح، وعيشه تبريح، ومن دون فرضية مهامه فيح، وضيف ظله خفيف، وضالته رغيف....... ويستطرد إلى قوله........ قال: جمالٌ موقرة، وبغال مثقلة، وحقائب مقفلة، وأنشأ يقول:
مولاي أي رذيلة لم يأبها
  
    خلف وأيُّ فضيلة لم يأتها

ما يسمع العافين إلا هاكها
  
    لفظاً وليس يُجاب إلا هاتها

إن المكارم أسفرت عن أوجهٍ
  
    بيض وكان الخال في وجناتها

بأبي شمائله التي تجلو العلا
  
    ويداً ترى البركات في حركاتها

وهذا أيضاً ما يطرق الشعر في متن المقامات الهمذانية).
وقد شاعت شهرة المقامة البغدادية لبديع الزمان الهمذاني (حدثنا عيسى بن هشام، قال: اشتهيت الأزاد، وأنا في بغداد، وليس معي عقد على نقد، فخرجت أنتهز محاله حتى أحلني الكره، فإذا أنا بسوادي يسوق بالجهد حمارهُ، ويطرف بالعقد إزاره، فقلت: ظفرنا والله بصيد، وحياك الله أبا زيد، من أين أقبلت، وأين نزلت، ومتى وافيت، وهلم إلى البيت، فقال السوادي: لست بأبا زيد، ولكنني أبا عبيد.........).
ــ كما يتناول الشيخ ناصيف اليازجي في مقاماته، "مجمع البحرين"، بمحدثه سهل بن عباد أو حكى سهل بن عباد، وكذلك قد كنى هذه المقامات منها بأسماء الأمكنة، كالمقامة الشامية (أبر سهل بن عباد، فقال: دخلت يوماً على صاحب لي بالشام، أعوده من داء البرسام، فجلست بإزائه، وأنا أستخبره عن دائه، وبينما هو يبث شكواه، ويتأوه لبلواه، إذ قيل: جاء الطبيب، فقلت: قطعت جهيزة قول كل خطيب.....).
وفي موضع آخر في مجمع البحرين، المقامة الخزرجية يستهل في روايتها ويزاوج المقامة بالشعر فيقول: (قال سهل بن عباد: دخلت بلاد العرب، في التماس بعض الأدب، فقصدت نادي الأوس والخزرج، لأتفرج وأتخرج، وآخذ من ألسنتهم بعض المنهج، فلما صرت في بهرة النادي، أخذ بمجامع فؤادي، فجلست بين القوم ساعة، وأنا أحدق إلى الجماعة، وإذا شيخنا ميمون بن خزام، قد تصوّر في ذلك المقام، وهو يقول: من أراد أن يعرف جهينة، أو شاعر مزينة، فقال الشيخ: كل فتاة بأبيها معجبة، فكن سائلاً أو مسؤولاً لا لنرى ما في القداح من الأنصبة، قال: إنما يسأل العالم، فما هي أسماء المطاعم؟ قال: لبيك وسعديك: وأنشد كهزار الأيك:
للنّفساء الخرُس والعقيقه
  
    للطفل عند عارف الحقيقه

كذلك الإعذارُ للختان
  
    وذو الحذاق حافظ القرآن

للخطيبة المِلاك والوليمه
  
    للعرس والميت له الوضيمه
ومن الأسماء: المقامات البغدادية والأزهرية وللأشخاص (التغلبية) والهزلية تأخذ نوعاً من الهزل.
ومحدثه هو (الحارث بن همام) المقامة البصرية (حكى الحارث بن همام، قال: أشعِرتُ في بعض الأيام هما برَّح بيّ استِعَارُهُ، ولاح عليّ شِعَارُهُ، وكنت سمعتُ أن غشيان مجالس الذكر، بسرد غواشي الفكر، فلم أرَ لإطفاء ما بين من الجَمْرَةِ، إلا قصد الجامع بالبصرة، وكان إذ ذاك ما هول المساند،.....).
ومما تقدّم يتبين لنا الشكل الفني للمقامة واستعراض مفرداتها، وما تحمله من عناصر فنية تؤدي الغرض منها في إيصال فكرة أو فكاهة أو من منمنمات المجتمع وما يحدث فيه من طرافة، فضلاً عما تؤديه المقامة من تسليط الضوء على جانب اجتماعي أو سلوك بعض الأفراد سواء في الحياة العامة أو ما يجري في مفاصل السلاطين والولاة عبر العصور وفي بعض الأحيان يكون مبناها عما يجول في ذاكرة وخيال الكتاب، مدونين ذلك من خلال ذلك الوصف الفني لتلك الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وحالات الدهاء والحنكة لدى البعض منهم، ويستخدم الكاتب في ذلك كل أنواع البديع والجناس والطباق وصنوف البلاغة، ولهذا طبع الأدب العربي بسمات فريدة، بتعدد الصيغ الفنية، لما يريد الكاتب من إيصاله للقراء، ضمن سياق أدبي، مترع في الروعة والجمال من خلال الصور الرائعة من مفردات اللغة العربية، وهي المعين الأساسي لثراء ذلك الأدب، وما المقامة إلا مفردة في ذلك الإرث الأدبي الغني بمفرداته، والمقامة التي لا تقل أهمية عن القصة والشعر والرواية من حيث الشكل والمضمون ولكن قد يختلفان في المبنى الفني والإبداعي لهذا الكاتب أو ذاك.

دِقَّةُ اللفظِ وثَراءُ العربية

دِقَّةُ اللفظِ وثَراءُ العربية
 
 
 قيل لأبي العباس المبرد :
إنَّ في كلام العرب حشوا (والحشو هو فضلُ الكلامِ الذي لا خَيرَ فيه)، فإنَّهم يقولون : عبدُ الله قائمٌ، ثُم يقولون :إنّ عبدَ الله قائمٌ ، ثُم يقولون : إنّ عبدَ الله لَقائِمٌ، فالألفاظُ مُتَكرِّرَةٌ، والمعنى واحد

فقال : بَل المعاني مُختَلِفة

فقولهم : "عبد الله قائم"، إخبارٌ عَن قيامِه، (كأن يُقال، كان أهل البيت نيام، وعبدالله قائم يُصلي

وقولهم : "إنَّ عبد الله قائم" ، جَوابٌ عَن سؤالِ سائل، (كأن يسأل أحدهم، ما يفعل عبدالله؟ فيجاب، إنّ عبدالله قائم

وقولهم : إنّ عبد الله لقائم، ردٌّ على مُنكِر. (كأن يقول شخص، عبدالله ليس قائما، فَيُرَدّ عليه - بالإنكار - إنّ عبدالله لقائم

vendredi 28 décembre 2012

إِنّ غَداً لنَاظِرِهِ قَرِيبُ

إِنّ غَداً لنَاظِرِهِ قَرِيبُ
 
 
ومعنى لِناظِرهِ أي لِمُنتَظرِه، يُقال : نَظَرْتُه أي انتظرته. وأوَّلُ مَن قال ذلك قُرَاد بن أجْدَعَ وذلك أنَّ النُّعمانَ بن المنذر خَرجَ يَتَصيَّدُ على فرسهِ اليَحْمُوم فأجراهُ على أثَرِ عير فذهبَ بِه الفرسُ في الأرض ولَم يَقدِر عليه، وانفرد عن أصحابه، وأخذَتُه السماءُ، فَطلبَ مَلْجأً يَلجأُ إِليهِ فدُفِعَ إلى بناء، فإذا فيه رجلٌ مِن طَيءٍ يُقال له حَنْظَلة ومعه امرأةً لَه؛ فقال لهما : هل مِن مَأوًى؟ فقال حنظلة : نعم. فخرج إليه فأنزَلَه و لَم يَكُن للطائيِّ غَيرُ شاةٍ وهو لا يَعرفُ النعمانَ، فقال لامرأته : أرى رجلاً ذا هيئةِ وما أخْلَقَه أنْ يكون شريفاً خطيراً (مُهِمّاً) فما الحيلة؟ قالت : عِندي شَيءٌ مِن طَحينٍ كُنتُ ادّخرتُه، فاذبحِ الشاةَ لأتَّخِذَ مِن الطحينِ مَلَّة، قال : فأخرجت المرأةُ الدقيقَ فخبزَت مِنه مَلَّة وقام الطائيّ إلى شاته فاحتلبها ثُمَّ ذَبحها فاتخذَ مِن لحمها مَرَقة مَضِيرة وأطعمه مِن لحمها وسقاهُ مِن لَبَنِها واحتالَ لَهُ شراباً فسقاهُ و جعل يُحَدثه بقية ليلته (أي يؤنسُ ضيفَهُ ويكرمه بالحديث إليه) فلما أصبحَ النعمانُ لبسَ ثيابه و رَكِبَ فَرسَه ثُم قال : يا أخا طيء، اطلب ثَوَابكَ، أنا الملك النعمان، قال : أفعَلْ، إنْ شاء الله. ثُمّ لَحِقَ الخيلَ فمضى نَحوَ الحِيرة ومكث الطائي بعد ذلك زماناً حتى أصابَتهُ نَكْبةٌ وجَهْد وساءَت حالُه، فقالت له امرأته : لو أتيتَ الملك لأحسَنَ إليك، فأقبلَ حتى انتهى إلى الحِيرَة فوافق يومَ بؤس النعمان (وهو يومٌ كان النعمانُ يقتل فيه أولَّ مَن يراه) فإذا هو واقفٌ في خَيْله في السلاح فلما نَظرَ إليه النعمان عرفه وساءَهَ مكانُه، فوقف الطائيّ المنزولُ به بين يدي النعمان، فقال له : أنتَ الطائيُّ المنزولُ به؟ قال : نعم، قال : أفلا جِئْتَ في غير هذا اليوم؟ قال : أبَيْتَ اللعن  وما كان علمي بهذا اليوم؟ قال : والله لو سَنَحَ لي في هذا اليوم قابوسُ ابني لم أجد بُدّا مِن قتله، فاطلب حاجَتَكَ مِن الدُّنيا وسَلْ ما بدا لك، فإنك مقتول. قال : أبَيْتَ اللعنَ وما أصنَعُ بالدنيا بَعدَ نفسي . قال النعمان : إنَّهُ لا سبيل إليها، قال : فإنْ كان لا بدّ فأجِّلْني حتى أُلِمَّ بأهلي فأُوصي إليهم وأُهيئُ حالَهم ثُمّ أنصرفُ إليك، قال النعمان : فأَقِمْ لي كَفيلاً بموافاتك، فالتفتَ الطائيُّ إلى شُريك بن عمرو بن قيس من بني شيبان وكان يُكَنَّى أبا الحَوْفَزَان وكان صاحب الردافة وهو واقفٌ بِجَنبِ النعمان فقال له

يا شُريكا يا ابن عمرو ... هل مِن الموتِ مَحَالة
يا أخا كل مُضَافٍ ... يا أخا مَنْ لا أخا له
يا أخا النعمان فُكَّ اليوم ضَيْفاً قد أتى له
طالما عالج كرب الموت لا ينعم باله


فأبى شريكٌ أنْ يتكفل به، فوثب إليه رجل مِن كلب يُقال له قُرَاد بن أجْدَع، فقال للنعمان : أبيت اللَّعْن هو عليّ، قال النعمان : أفعلت؟ قال : نعم، فضمّنه إياه ثم أمر للطائي بخمسمائة ناقة، فمضى الطائيّ إلى أهله وجَعَلَ الأجَلَ حولا مِن يومه ذلك إلى مثل ذلك اليوم من قابل، فلما حال عليه الحولُ وبقي مِن الأجل يَوم، قال النعمان لقُرَاد : ما أراك إلا هالكاً غَداً فقال قُرَاد


فإن يَكُ صَدْرُ هذا اليوم وَلىّ ... فإنَّ غَداً لناظرهِ قَريبُ


فلما أصبح النعمان ركب في خَيلِهِ ورَجْلِه مُتَسَلِّحاً كما كان يفعل حتى أتى الغَرِيَّيْنِ فوقف بينهما وأخرجَ معه قُرَادا وأَمرَ بِقَتلِهِ فقال له وزراؤُه : لَيسَ لك أنْ تَقتُله حتى يستوفي يَومَه فتركه وكان النعمان يشتهي أنْ يَقتُلَ قُرَادا ليُفْلَتَ الطائي مِن القتل، فلما كادت الشمسُ تَجِبُ وقُرَاد قائم مُجَرَّد في إزار على النِّطَع والسيافُ إلى جنبه أقبلت امرأته وهي تقول


أيا عَيْنُ ابكى لي قُرَاد بن أجْدَعَا ... رَهينا لقَتْلٍ لا رهينا مُوَدّعا
أتته المنايا بَغْتةً دون قومه ... فأمسى أسيراً حاضر البَيْتِ أضْرَعَا


فبينا هم كذلك إذ رفع لهم شخص مِن بعيد وقد أمر النعمان بقتل قراد، فقيل له : ليس لك أن تقتله حتى يأتيك الشخص فتعلم مَن هو فَكَفَّ حتى انتهى إليهم الرجلُ فإذا هو الطائي، فلما نظر إليه النعمان شَقَّ عليه مَجيئُهُ فقال له : ما حملكَ على الرجوعِ بعدَ إفلاتِكَ مِن القتل؟ قال : الوفاءُ، قال : وما دَعَاك إلى الوفاء؟ قال : دِينِي، قال النعمان : فاعْرِضْهَا عليّ (أي أعرض ديانتك عليّ) فعرضها عليه فَتَنَصَّر النعمان وأهلُ الحِيرة أجمعون وكان قبل ذلك على دين العرب، فترك القتلَ مُنذ ذلك اليوم وأبطل تلك السُّنَّة وأَمرَ بِهَدم الغَرِيّيْن وعفا عن قُرَاد والطائي وقال : والله ما أدري أيهما أوفى وأكرم أهذا الذي نجا مِن القتل فعاد أم هذا الذي ضَمِنَه؟ والله لا أكون ألأمَ الثلاثة فأنشد الطائيّ يقول


ما كُنْتُ أُخْلِفُ ظنه بعد الذي ... أسْدَى إلىّ من الفَعَال الخالي
ولقد دَعَتْنِي للخلاف ضَلاَلتي ... فأبَيْتُ غيرَ تمجُّدِي وفعالي
إني امرؤ منِّي الوفاءُ سَجِية ... وجزاء كل مكارم بَذَّالِ


وقال أيضاً يمدح قُرَادا


ألا إنما يسمو إلى المجد والعُلا ... مَخارِيقُ أمثال القُرَاد بْنِ أجْدَعَا
مخاريقُ أمثال القراد وأهله ... فإنهمُ الأخيار من رَهْطِ تبعا


  من كتاب "مجمع الأمثال" لأبي الفضل النيسابوري
 

وصايا الطبيب

وصايا الطبيب


قال الحجاجُ بن يوسف يومًا لطبيبهِ

صِف لي صِفةً آخذُ بِها في نفسي ولا أعْدوَها قال له
لا تَتَزوَّجْ مِن النساءِ إلا شابة، ولا تأكلْ مِن اللحم إلا فتيا، ولا تأكله حتى تُنعِمَ طَبخَهُ ولا تشربْ دواءً إلا مِن علةٍ، ولا تأكلْ مِن الفاكهةِ إلا نَضيجَها، ولا تأكلْ طعامًا إلا أجدتَ مضغهُ، وكُلْ ما أحببتَ مِن الطعام واشربْ عليه: فإذا شربتَ فلا تأكلْ، ولا تَحبس الغائطَ ولا البولَ، وإذا أكلتَ بالنهارِ فَنَمْ: وإذا أكلتَ بالليلِ فَقُمْ وامشِ قبلَ أنْ تنام ولو مائةَ خُطوة

 

صيانَةُ العِلم

صيانَةُ العِلم


وَجَّهَ الرشيدُ إلى مالكِ بن أنسٍ رَحِمَهُ الله لِيأتَيه فَيُحَدِّثَهُ؛ فقال مالك: إنَّ العِلمَ يُؤتى! فسار الرشيدُ إلى مَنزِلِه فاستَنَدَ معه إلى الجدار، فقال: يا أمير المؤمنين، مِن إجلالِ الله تعالى إجلالُ العِلم، فَقامَ و جَلَسَ بين يَدَيهِ. وفي أمثالِ العرب: إنَّ الثعلبَ والغرابَ تَحاكَما إلى الضَبِّ فقالا: أُخرُجْ واحكُمْ بَينَنا، فقال: في بَيتِهِ يُؤتى الحَكَم. وقال لقمان لابنه: صُنْ عِلمَكَ فَوقَ صيانَةِ نَفسِكَ. وقيل: لَمْ يُرَ أفضَلُ مِن الخليلِ (الخليل بن أحمد الفراهيدي) في التَّلَطُّفِ عَن الكَسبِ بالعلم، كانَ الناسُ يأكلونَ بِعِلمِهِ وهو في خِصٍ (بيت من القصب) لَه، وخَرجَ إلى مكةَ والناسُ يقولون في الحرمين: قال الخليلُ وذكر الخليلُ، ورجعَ إلى البصرةِ ولَمْ يُعلَمْ بِمكانِه. قال الشيخ رحمه الله: و مَن مَلكَ نَفسَهُ هكذا فَحقيقٌ أنْ يُقالَ رَجُلُ فَضلٍ و صِدق. وللقاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني:
ولَم أبتذلْ في خدمَةِ العِلمِ مُهجَتي -- لِأَخدِمَ مَن لاقيتُ لكن لأُخدَما
و لَو أنَّ أَهلَ العِلمَ صانوهُ صانَهم -- و لو عَظَّموهُ في النفوس لَعُظِّما
ولكن أهانوه فهانوا، ودَنَّسوا -- مُحَيّاهُ بالأطماعِ حتّى تَجَهَّما

من كتاب "مُحاضراتُ الأُدباءِ"  للراغِبِ الأَصْفَهاني

أُسس البلاغة

 
أُسس البلاغة
 
 البلاغةُ في لغة العرب ـ بحسب المعجم الوسيط ـ هي حُسنُ البيانِ وقُوَّةُ التأثير
وهي اصطلاحا: عِلمٌ تُدَرَّسُ فيه وجوهُ حسن البيان، وقد لَعِبَ توظيف البلاغة دوراً كبيراً في تاريخ العرب من حيث تخليد البلغاء وضربهم للناس أمثلة يحتذون بها، ورفع شأن المتكلم أوالخطيب أوالشاعر بحسب حسن استخدامه لعناصر البلاغة وقوانينها. وتقف البلاغة على أعمدة، وهي التشبيه والاستعارة والمجاز والكناية، وهنا شرح مختصر لها 

التشبيه
إحداث علاقة بين اثنين من خلال جعل أحدهما - وهو الطرف الأوّل (المشبه)- مشابهاً للطرف الآخر (المشبه به)، في صفة مشتركة بينهما (وجه الشبه). مثل : محمد كالأسد في الشجاعة – البنت كالقمر في الجمال

الاستعارة
تشبيه الشيء بالشيء، ولكن مع عدم الإفصاح عن المشبه صراحة، فتجيء إلى اسم المشبه به فَتُعيرُه المشبه وتُجريه عليه.  فمثلا تريد أن تقول: رأيت رجلاً كالأسد في شجاعته وقوة بطشه، فتدع ذلك وتقول: رأيتُ أسداً. ومن أمثلة الاستعارة "واشتعل الرأس شيبا" و "المنية أنشبت أظفارها

المجاز (المُرسل
هو استخدام كلمة لها معنى أصلي لكنها تستعمل في معنى آخر على أن يوجد علاقة بين المعنيين دون أن تكون علاقة مشابهة، وتعرف تلك العلاقة من المعنى الجديد المستخدمة فيه الكلمة. ويجب أن تكون هناك قرينة تمنع المعنى الأصلي للفظ. سمي المجاز بالمجاز المرسل ؛ لأنه غير مقيد بعلاقة واحدة، كما هو الحال في الاستعارة المقيدة بعلاقة المشابهة فقط، ولأن أشكال علاقاته كثيرة. قال تعالى: (فتحرير رقبة مؤمنة) فكلمة (رقبة ) مجاز مرسل؛ لأنه عبر بالجزء (الرقبة)وأراد الكل (الإنسان المؤمن) . وقال تعالى: (يجعلون أصابعهم في آذانهم) فــ ( أصابعهم) مجاز مرسل؛ لأنه عبر بالكل (أصابعهم) وأراد الجزء (أناملهم أي أطراف أصابعهم) . نزلتُ بالقوم فأكرموني .المجاز المرسل في كلمة القوم ؛ لأن القوم لا يُنزل بهم ، وإنما يُنزل في المكان الذي يسكنه القوم ، فذكر الحال وهو (قوم) وأراد المحل وهو المكان

الكناية
هي تَعبيرٌ لا يُقصَدُ مِنه المعنى الحقيقي، و إنما يُقصَدُ به معنى ملازم للمعنى الحقيقي

ومثالها قول "فلانٌ نظيف اليد" من الواضح أن المعنى الحقيقي هنا ليس مقصوداً وهو معنى غسل اليد و نظافتها من الأقذار، وإنما يقصد المعنى الملازم لذكر هذه العبارة الذي يتولد ويظهر في ذهننا من العفة أو الأمانة وما شابه ذلك من المعاني المجردة حسب سياق الحديث، وهذه هي الكناية معنى ملازم للمعنى الحقيقي. ومن أمثلتها قوله تعالى (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ) (الفرقان: من الآية27) ففعل العض على اليدين هو كناية عن الندم


القرآن الكريم، أُسُّ البلاغة
وليس ثمة أنفع للإنسان من دراسة القرآن الكريم دراسة لغوية بلاغية، لتحصيل علوم البلاغة، بل وعلوم العربية كلها، فضلاً عن الهداية والاسترشاد اللذين هما مقصودا القرآن الأول. استمع إلى قوله سبحانه: { وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء، وقضي الأمر، واستوت على الجودي وقيل بعداً للقوم الظالمين } (هود/44) ثم انظر إلى الآية كيف حوت: أمرين، وخبرين، وبشارة، ودعاء. أو أمعن فكرك في قوله سبحانه: { إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون } (النحل/90) كيف جمعت الأمر بكل خير الدنيا والآخرة، على المستوى الفردي والجماعي ونهت عن كل الشرور الدينية والدنيوية، ثم ختمت ذلك بالتذكير ترغيبا وترهيبا

كُتُبُ البلاغة
وأول كتاب دُوِّن في علم البيان كتاب ( مجاز القرآن ) لأبي عبيدة تلميذ الخليل، ثم تبعه العلماء. وبقيت هذه العلوم تتكامل ويزيد فيها العلماء حتى جاء فحل البلاغة: عبد القاهر الجرجاني فألف في المعاني كتابه( إعجاز القرآن) وفي البيان كتابه (أسرار البلاغة) وجاء بعده السكاكي فألف كتابه العظيم ( مفتاح العلوم

الحرف في اصطلاح النحويين

 
الحرف في اصطلاح النحويين
 
 
إذا وَرَدَ في كَلامِ النحويين أنَّ الكَلِمَةَ: اسمٌ وفِعلٌ وحَرف، فإنَّهم لا يَعنونَ بالحَرفِ الحروفَ الأبجديةَ: الألفُ والباءُ والتاء . . .، ولا يَقصِدونَ بِه أبعاضَ الكلماتِ نَحوَ الزاي مِن (زَيد) أو العَينِ مِن (عَمرو

وإنَّما يَقصِدُ النَّحَويّون بالحرفِ: حُروفُ المَعاني، نَحوَ حُروفِ الجَرِّ (مِن، إلى، في . . .) ونَحو حُروفِ العَطفِ (الواو، الفاء، ثم . . .) إلخ

و بِذلك يُعرّفُ النحويون الحرفَ بأنَّهُ: كَلِمَةٌ دَلَّت عَلى مَعنىً في غَيرِها. وهذا التَعريفُ كَما تَرى لا يَنطَبِقُ على الحُروفِ الأبجَدِيَّةِ أو الحروفِ التي هي أبعاضُ الكَلِم، وإنَّما يَنطَبِقُ على حُروفِ المعاني

فالمَقصودُ أنَّ حُروفَ المعاني، والحروفُ الأبجدِيَّةُ، وحُروفِ أبعاضِ الكلم، كُلها تُسمى حروفاً. ولكِن الذي يُعَدُّ قِسماً مِن أقسامِ الكَلمةِ مع الفعلِ والاسمِ هو فَقَط حُروف المعاني

لذلك فعليكَ دائماً أنْ تَعرِفَ ماذا يَقصِدُ أهلُ كُل فَنٍّ بِمُصطلحاتِهم التي اصطلحوا عَليها في ذلك الفن، فإنَّ معنى المُصطلحِ الواحدِ قَد يَختَلِفُ باختلاف الفن الذي يُذكَرُ فيه هذا المصطلح، ولْنضرب على ذلك مثالاً

كلمةُ الفِقْهِ

في اصطلاحِ أهلِ اللغةِ: هيَ الفَهمُ الدَّقيقُ
في اصطلاحِ الفقهاءِ: مَعرِفَةُ الأحكامِ الشَّرعِيَّةِ العَمَلِيّة بأدِلَّتِها التَفصيليّة، فَتختَصُّ بأعمال المكلفين ولا تشمل الاعتقاد. وفي الشَرْع: يَدخُلُ فيها جَميعُ العُلومِ الشرعيةِ مِن فِقهٍ وعَقيدَةٍ وتَفسيرٍ . . .إلخ، وبالمعنى الأخير وردت في قَولِ النَبي صلى الله عليه وسلم (مَن يُرِدِ اللهُ بِه خيراً يفقّهْهُ في الدِّين). والله أعلم

jeudi 27 décembre 2012

العِلمُ أصلُ النَسب


العِلمُ أصلُ النَسب


النَّاسُ مِنْ جِهَةِ التِّمْثَالِ أَكْفَاءُ -- أَبُوهُمُ آدَمُ وَالْأُمُّ حَوَّاءُ
نَفسٌ كَنَفسٍ وَأَرواحٌ مُشاكَلَةٌ -- وَأَعظُمٍ خُلِقَت فيها وَأَعضاءُ
لاعيبَ للمرءِ فيما أن تَكون لهُ -- أمٌ من الرومِ أمْ سوداءُ دعجاءُ
فَإِنَّمَا أُمَّهَاتُ النَّاسِ أَوْعِيَةٌ -- مُسْتَوْدَعَاتٌ وَلِلْأَحْسَابِ آبَاءُ
ورُبّ واضحةٍ ليست بمنجبةٍ -- ورُبّما أَنجبتْ للفحلِ عجماءُ
إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمُ مِنْ أَصْلِهِمْ شَرَفٌ -- يُفَاخِرُونَ بِهِ فَالطِّينُ وَالْمَاءُ
وَإِنْ أَتَيْت بِفَخْرٍ مِنْ ذَوِي نَسَبٍ -- فَإِنَّ نِسْبَتَنَا جُودٌ وَعَلْيَاءُ
ما الفَضلُ إِلا لِأَهلِ العِلمِ إِنَّهُمُ -- عَلى الهُدى لِمَنِ اِستَهدى أَدِلّاءُ
وقِيمةُ المرءِ مَا قَدْ كان يُحسنـُـهُ -- وَالجاهِلونَ لِأَهلِ العِلمِ أَعداءُ
فَفُز بِعِلمٍ وَلا تَطلُب بِهِ بَدَلاً -- فَالناسُ مَوتى وَأهُلُ العِلمِ أَحياءُ
علي بن أبي طالب

اللهجة التونسية

اللهجة التونسية

هي اللهجة العربية المحليّة في تونس، وتسمى في تونس بـ”العربي” أو الدارجة لتمييزها عن الفصحى. وهي تختلف عن اللهجات العربية الشرق أوسطية، وهي متواصلة جغرافيا ولا تعترف بالحدود السياسة فهي قريبة من اللهجة المستعملة في شرقالجزائر وغرب ليبيا. وقد دخلت عليها كلمات من لغات أجنبية إيطالية بفعل القرب الجغرافي وفرنسية خلال الحماية الفرنسية لتونس
تستعمل اللهجة التونسية في كامل أرجاء القطر التونسي مع اختلافات من جهة إلى أخرى. توجد لهجات مشابهة للهجة التونسية كتلك المتكلم بها في شرق الجزائر وغرب ليبيا والمناطق القريبة من البلاد التونسية واللغة المالطية
يستطيع التونسي من خلال لهجته التواصل مع الليبي ومع المغربي أو الجزائري من دون اضطراره بالتكلم باللهجة الجزائرية أو المغربية وذلك لقرب هذه اللهجات من بعضها البعض
و من مميزات اللهجة التونسية عن أكثر بقية اللهجات العربية هو نطقها الصحيح والسليم لكثير من الحروف العربية الثمانية والعشرون
ومعجم التونسيين أي مجموع ألفاظهم ثري ومتنوع، وتعبر الدارجة التونسية عن كل شؤون الحياة اليومية، وتستخدم في البرامج الإعلامية، إلا أنها لا تستخدم في التدريس إطلاقا، بل إن مثقفيهم ومعلميهم يعتبرون استخدامها في التدريس جناية كبيرة على اللغة والثقافة والتربية
تتميز اللهجة التونسية بتنوعها واختلافها من منطقة إلى أخرى ويمكن التمييز بين لهجة المدن ولهجة الريف. كما يمن تقسيمها أفتراضيا إلى 6 لهجات محلية
  • لهجة الشمال الشرقي التي تضم تونس الكبرى وولايات بنزرت ونابل تتميز بطغيان كبير للمفردات الايطالية والفرنسية
  • لهجة الساحل التي تضم ولايات سوسة والمنستير والمهدية التي تتميز بنطق آنِي للدلاله على ضمير المتكلم المفرد أَنَا وطغيان الفرنسية مثل الشمال
  • لهجة صفاقس التي تضم صفاقس وما حولها التي تتميز بمرونتها وسلاستها وسرعة النطق فيها مع استعمال كبير للفرنسية مثل بقية مناطق الساحل(لهجة جزر قرقنة اللتابعة لولاية صفاقس تتميز بكونها قريبة لدرجة كبيرة للغة المالطية
  • لهجة الجنوب الغربي المتميزة بطغيان العربية الفصحى في الكلام فكانت بذلك منبع أهم شعراء تونس مثل أبو القاسم الشابي
  • لهجة الجنوب الشرقي القريبة نوعا ما من لهجة الغرب الليبي
  • لهجة الشمال الغربي القريبة من لهجة الشرق والوسط الجزائري
و ورغم ذلك فداخل كل لهجة محلية هناك فوارق طفيفة بين كل مدينة وكل منطقة وخصوصا بين الريف والمدينة.
تتميز اللهجة التونسية بالنطق الصحيح لأغلب حروف العربية (كالقاف مثلا، علما أنه في بعض المناطق, تنطق القاف ڤ أي جيم مصرية
توجد استثناء لقاعدة النطق الصحيح وهي الجيم التي تنطق عادة زاي عندما تسبقها أو تليها زاي وذلك لتخفيف الكلمة(مثلا جزّار => ززّار, زَوْجْ => زُوزْ…).
مقارنة بالعربية الفصحى, يتم نطق الكلمات عامّة باسكان الحرف الأول وحذف السكون في وسط الكلمة واسكان الحرف الأخير(غَنِيٌّ => غْنِيْ, فَقِيرْ => فْقِيرْ, كَبِيرْ => كْبِيرْ). يتم أيضا, إذا كان حرف الألف في وسط الكلمة, امّا حذفه أو تعويضه بياء (رَأَيْتْ => رِيتْ, قَرَأْتُ => قْرِيتْ)
كما تتميز اللهجة التونسية بتنوع جهوي وفقا لدخول عناصر متنوعة على التركيبة الاجتماعية في الجهات ويبرز ذلك بين المدن إذ نلاحظ مثلا انفراد مدينة المهدية بعدم نطق سكانها لحروف ذ-ز-ض-ظ وفيقولون مثلا “تعلب” بدل ثعلب أو “دهب” بدل كلمة ذهب كما يشتركون مع باقي سكان الساحل في تركيبة الالفاظ ك آني المعبرة عن ضمير المتكلم انا ويستخدمون بكثرة الكسرة في اخر الأسماء بعكس سكان الشمال اما باقي ضواحي الساحل فهي تنطق الحروف العربية صحيحة مع مشابهة في الحركة للهجة المهدوية على مستوى الضمائر

الأدب


«ما الأدب؟»

 
«ما الأدب؟» سؤال أطلقه جان بول سارتر عام 1947، وأجاب عنه في مؤلف حمل العنوان نفسه، وتبوأ مكانة بارزة ضمن روائع النقد الحديث، وبياناته المهمة. ومع ذلك فإن أحداً لم يزعم أن سارتر، أو سواه، قد نجح في تقديم إجابة شافية لسؤال يغدو يوماً بعد يوم أكثر إلحاحاً، ليس على المعنيين بالأدب ودراسته من الأدباء والنقاد والباحثين وحسب، وإنما على دارسي الأدب الشعبي والأنتربولوجية وعلم النفس وعلم الجمال أيضاً.
ويبدو أن أفضل ما يعتمده المرء لتعريف «الأدب» هو مقاربة مفهومه من جوانب مختلفة، تتكامل فيما بينها لتصل إلى فهم يرجى له أن يكون أكثر تماسكاً وعمقاً وتوضيحاً لجوانب هذه الظاهرة الإنسانية البالغة التعقيد.

1ـ لدى العرب: لا يكاد الباحث يجد أي نص في العصر الجاهلي يستخدم كلمة «أدب»، وكل ما يجده هو لفظة «آدِِب» بمعنى الداعي إلى الطعام، قال طرفة:

نحن في المشتاة ندعو الجفلى

لا تــــرى الآدب فينــــا يَنْتَقِـــرْ

وفي العصر الإسلامي يرد فعل «أدّب» بمعنى «هذَّب»، في حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم «أَدّبني ربي فأحسن تأديبي»، ويرى بعضهم أن معنىً تهذيبياً خلقياً كهذا ربما كان شائعاً في العصر الجاهلي، ولكن ليس ثمة نصوص تؤيد هذا الرأي.

2ـ لدى الأمم الأخرى: استخدمت كلمة «Litteratura» «ليتراتورا» اللاتينية المشتقة من كلمة «Littera» «الحرف» أول ما استخدمت ترجمة لكلمة «grammatiké» «غرامّتيكي» اليونانية، وهي معرفة القراءة والكتابة. وما لبثت أن استخدمت بعدها للدلالة على التبحر والثقافة الأدبية. فشيشرون [ر] ينعت قيصر بهما عندما يذكر أن لديه أدباً وحساً جيداً وذاكرة وتأملاً ودأباً. وفي القرن الثاني للميلاد استخدمت الكلمة للدلالة على «مجموع من الكتابة»، إذ يجد المرء كلاً من تيرتوليان Tertullian وكاسيان Cassian يقابل بين الكتابة الزمنية الوثنية litteratura والكتاب المقدس Scriptura. ويبدو أن الكلمة في العصور القديمة كانت تستخدم عامة للدلالة على مجموع الأدب اليوناني [ر] وتاريخ الأدب ودراسته وما يتصل بذلك من معارف.

وتختفي الكلمة بهذا المعنى في العصور الوسطى ليقتصر استخدام كلمة «ليتراتوس» «litteratus» على من يعرف القراءة والكتابة.


أطفال الشوارع

 

أطفال الشوارع

 أطفال الشوارع هو الاصطلاح الأكثر انتشارًا للتعبير عن الأطفال تحت سن 18 عامًا الذين يعيشون بلا مأوى ويقضون ساعات طويلة من يومهم أو يومهم كله بالمساحات العامة وينتشرون في الجنوب وما يعرف بالبلاد النامية
هناك اختلاف على تعريف أطفال الشوارع، بينما البعض يحددون طفل الشارع بأنه الطفل الذي يعيش بصورة دائمة في الشارع بلا روابط أسرية أو بروابط أسرية ضعيفة، يذهب آخرون لضم كل الأطفال العاملين في شوارع المدن لتلك الفئة. وهذا الأختلاف في التعريف يؤدي لاختلاف كبير في تقدير الأعداد. تفسم اليونيسف أطفال الشوارع لثلاث فئات
  1. قاطنون بالشارع: وهم الأطفال الذين يعيشون في الشارع (بصفة عامة بما يضمه من مبان مهجورة، حدائق عامة وكباري وأماكن أخرى) وهم أطفال يعيشون في الشارع بصورة دائمة أو شبه دائمة بلا أسر وعلاقاتهم بأسرهم الأصلية إما منقطعة أو ضعيفة جدا
  2. عاملون بالشارع: هم من أطفال يقضون ساعات طويلة يوميًا في الشارع في أعمال مختلفة غالبًا تندرج تحت البيع المتجول والتسول.و أغلبهم يعودون لقضاء الليل مع أسرهم وبعض الأحيان يقضون ليلهم في الشارع
  3. أسر الشوارع: أطفال يعيشون مع أسرهم الأصلية بالشارع.[1]، وتبعًا لهذا التعريف قدرت الأمم المتحدة عدد أطفال الشوارع في العالم ب 150 مليون طفل
أسباب انتشارهم

هناك العديد من الأسباب لانتشارهم من أهم الأسباب هو عدم اهتمام الحكومة بمتوسط دخل الفرد وعدم إنشاء دور الرعاية لهم وأيضاً من زنا المحارم
  1. الفقر‏: والذي يجعل الأسر تدفع بأبنائها إلي ممارسة أعمال التسول والتجارة من بعض السلع الهامشية مما يعرضهم لانحرافات ومخاطر الشارع‏.‏
  2. الأوضاع الأسرية‏:‏ تلعب الظروف الأسرية دورا أساسيا في انتشار ظاهرة أطفال الشوارع وابرز تلك العوامل هي‏:‏ ‏
    1. تفكك الأسر إما بالطلاق أو الهجر أو وفاة أحد الوالدين‏.‏
    2. كبر حجم الأسرة عن الحد الذي يعجز فيه الآباء عن توجيههم وتلبية احتياجاتهم‏.‏
    3. - ارتفاع كثافة المنزل إلي درجة نوم الأبناء مع الوالدين في حجرة واحدة‏
    4. الخلافات والمشاحنات المستمرة بين الزوجين‏.‏ ‏

العوامل المجتمعية‏
  1. نمو وانتشار التجمعات العشوائية التي تمثل البؤر الأولي والأساسية المستقبلة لأطفال الشوارع‏.‏ ‏
  2. التسرب من التعليم ودفع الأطفال إلي سوق العمل والشارع‏
  3. قلة مدارس التعليم الإلزامي. ها-نقص الأندية والأبنية فيلجأ الطفل إلى الشارع
  4. ‏ تفاقم حدة مشكلة الإسكان وعدم توافر المسكن الصحي وعدم تناسب السكن مع حجم الأسرة‏.‏
  5. اتساع مفهوم الحرية الفردية
  6. ارتفاع نسبة البطالة بين أرباب الأسر التي تدفع بأطفالها إلي الخروج للشارع‏.‏
المشكلات الصحية وأبرزها
  1. التسمم الغذائي: ويحدث للأطفال نتيجة أكل أطعمة فاسدة انتهت صلاحيتها للاستخدام الآدمي، ولكن أطفال الشوارع يجمعونها من القمامة ويأكلونها
  2. الجرب: فالكثير من أطفال الشوارع مصابون بالجرب
  3. التيفود: وهو مرض منتشر بين أطفال الشوارع نتيجة تناول خضروات غير مغسولة يجمعها أطفال الشوارع من القمامة أو بسبب تناول وجبة طعام تجمَّع عليها الذباب
  4. الملاريا: نتيجة لأن أطفال الشوارع معرضون لكميات هائلة من الناموس الناقل للملاريا أثناء نومهم في الحدائق العامة ليلاً دون أغطية تحميهم
  5. الأنيميا: يصاب أطفال الشوارع بالأنيميا نتيجة عدم تنوع واحتواء الوجبات التي يأكلونها على جميع المتطلبات الضرورية لبناء الجسم نتيجة فقرهم وعدم توفر نقود لديهم
  6. كحة مستمرة وتعب في الصدر: وذلك نتيجة استنشاق أطفال الشوارع لعوادم السيارات لتعرضهم لها طوال اليوم بالإضافة إلى تدخينهم السجائر وتعرضهم لنزلات البرد في الشتاء نتيجة بقائهم في الشارع

mercredi 26 décembre 2012

استفحال ظاهرة الضعف في الخط والقواعد الإملائية

استفحال ظاهرة الضعف في الخط والقواعد الإملائية


تزداد في الجيل الأخير ظاهرة خطيرة، وهي الضعف في الكتابة والإملاء، وهذا الضعف ليس مقصورًا– كما كان في الجيل القديم- على البراعم الصغيرة من أبنائنا في مراحلهم التعليمية الأولى، بل وصل الأمر حتى إلى المعلم، والمؤسف حقًّا أن يكون معلم لغة عربية! فلا بد من وجود دراسة لأسباب هذه الظاهرة، ووضع السبل العملية لتلافي هذا الضعف.
وهذه الظاهرة لها آثار كثيرة على الخط العربي منها رداءة الخط وتحوله إلى قدر من كبير العجمة والألغاز، وربما وقف المعلم أمام خط الطالب حينًا من الزمن ليستبين كلمة! ويأسف المرء لما وصلت إليه خطوط طلاب الثانوية العامة والجامعات، وقد دلت بعض الدراسات على أن شكل الكتابة، وجمال الخط عامل مؤثر على تقويم المدرس وتقدير درجة الأعمال، ووجد أحد الباحثين أن الضعف العام من وجهة نظر مديري المدارس والوكلاء والمدرسين في الإملاء عند التلاميذ يعود إلى ضعفهم في الصفوف الأولى، وقد يصل الطالب إلى مستويات عليا ولا يستطيع أن يفرق بين أنواع الهمزة، أو ما يتعلَّق بالمدِّ والقصر وما يجوز فيه الحذف.
ويمكن مواجهة هذا التحدي من خلال كتابة الكلمات التي يكثر فيها الخطأ وتصحيحها بخط عريض على مجموعة من اللوافت، وتعلق على جدران الفصول المدرسية وفي الممرات وفي كل مكان يجتمع فيه التلاميذ، وتنتهي بقاعدة سهلة يمكن تطبيقها عليها، والاستفادة من بعض الرخص في كتابة بعض الكلمات، ووضع أسس ومناهج مبسطة لتدريس الإملاء والخط العربي واختيار المدرس الأكفأ لتدريسه في مراحل التعليم الأولى، فالإملاء العربي ليس صعبًا ولا معقدًا و يتميز بالاختزال وعدم التشابه بين حروفه، فكل حرف مميز عن الأحرف الأخرى، فالذي يكتب بالعربية في سطر يكتب بالإنجليزية في سطرين أو ثلاثة.
فالحقيقة أنه لا خلل في الخط العربي الذي نكتب به لغتنا الجميلة منذ مئات السنين، فلا شك في أنه خط مبرأ من العيوب، والدليل على ذلك عدم وجود هذه الظاهرة في الأجيال القديمة، وإن كانت هناك بعض الصعوبات، فالخط العربي ليس بدعًا بين الخطوط في مشاكله، إذا قوبل بلغات أخرى كالصينية التي تصل حروف إحدى كلماتها إلى أربعين حرفًا، والفرنسية يصل عدد حروف إحدى كلماتها إلى عشرة أحرف، ولا ينطق منها إلا حرفان أو ثلاثة.

سالم بن عميران
باحث لغوي من اليمن